الفراق شئ لم أعهده من قبل كيف لا وأنا مقبل علي عملية صغري من عمليات الحياة ، بطبيعة الحال أنا خائف قليلا وبصراحة يلهج صدري عندما أتذكر الغد، أي موعدي مع غرفة العمليات عند الساعة السادسة مساء، سرير ابيض وإبرة مخدرة وقليلا من الدماء وأنا ملقي علي ظهري كالدب البني بملابسه الخضراء، بالمناسبة أصبح وزني 92 كيلو ،لا تستغرب إن قلت لك عزيزي أنني مقبل علي أمر ربما يجب أن يحدث ولكن كل شئ يأتي بمشيئة الله وحسب ما هو مكتوب لي ولك.
اكتب لكم علي ضوء المولد الصيني الذي اشتريته العام الماضي بمبلغ قدره 400 ناموسة بالليلة، للتذكير أنا اقطن بغزة مدينة الظلام والكلام والأحلام المشتعلة هنا وهناك بقدر إناء لا يحوي إلا قطرة ماء ونملة تصعد بخطي هامدة متعثرة ،وكلما شارفت علي الوصول تراجعت بفعل تيار الهواء البارد الذي يسكب عرقه كل صباح.
المسافات طويلة والعبارات قصيرة وكل ما يهمني الآن هو مجاراة الوقت الذي لا يمضي وملاغاة مشاعري المسكوبة، أسيرها، أداعبها، احكي لها قصة، أكل كثيرا لأنني سأصوم بعد الساعة العاشرة صباحا هل لكم أن تتصورون الألم ، كل ما بي يستفزني للتراجع ، كل ما بي يظن بالاخر الهرب والاستسلام ، كل ما بي تجرد من نفسه وابقي علي اليقظة.
الطريق لهناك طويلة ..سيارة أبي ستكون بانتظاري، أخواتي الأعزاء سيكنون معي ، أمي المسكينة تبكي، زوجتي لن تأتي معي ، ساترك قلمي، هاتفي، جوالي، أحبائي سامحوني سأغيب عنكم عن ابتسامتكم عن نفاق دنياكم أدعو لي أن أعود لكم سالما بحال يسرني ويسركم ، أدعو لي فانا أحبكم جميعا .
تحياتي