الأربعاء، يوليو 22، 2009

كيف تكون مواطن فلسطيني جديد ..؟!

قرأت بأحدي الصحف المحلية والعالمية قبل أسبوع خبر وبعض المقالات التي وصلتنا عبر "شبكة الكاتب العربي" تقول إن ا لجنرال الأميركي كيث دايتون الذي يشرف على تدريب القوات التابعة للسلطة الفلسطينية ،انه قال بصريح العبارة.."انه يعمل على تشكيل جندي فلسطيني جديد يحمل مواصفات الحارس الفلسطيني الذي لا يتبع لأي جهة كانت "، فمن وحي هذه الكلمات انطلقت فكرتي لكتابة لقاح المقالة الممددة أمام عينيك و لن ادخل بشرح مدلول لهذه الجملة كثيرا فبإمكانك الاطلاع على بعض المقالات الساخطة على سياسة السلطة وأيضا المؤيدة فما عليك إلا البحث بموقع جوجل ، ولكن سأتوقف بالقرب من شط جملة "فلسطيني جديد " ، وقبل الخوض بغمار التفسير أود التذكير بقانون التغيير الاجتماعي في كتاب الله عز وجل من خلال قول الله تعالى "إن الله لا يغير ما بقومٍ حتى يغيروا ما بأنفسهم».. هذه الآية الكريمة تعطي تأكيداً جازماً على مبدأين: أولهما: التأكيد على قانون السببية، فلا تغيير إلا بتقديم ثمنه أولاً، المتمثل بتغيير ما في النفوس من كل ما يتعارض مع قيم التغيير المراد استنباته داخل المجتمع.
ثانيهما: أن هذا التغيير لابد وأن يكون على مستوى قاعدة المجتمع، بحيث يغدو في النهاية سلوكاً تلقائياً روتينياً نتيجة لتجذير قيم ذلك التغيير بمفاصله، وأي محاولة للتغيير تأتي من خلال فرضها من الأعلى أو الدعوة لها ،إن الاستجابة لضغط أو ظرف طارئ مثلاً لن يصاحبها نجاح يذكر في الغالب.
فمن الطبيعي أن يشعر المواطن الفلسطيني بالاشمئزاز والعجز أمام أمطار التدهور السياسي والاجتماعي والاقتصادي التي تهطل بغزارة وبدون سبب يذكر سوي لمساعدة غير مباشرة أو مباشرة لتمرير سياسات خارجية تحاول لعب دول البطل بمشهد أشبه ما يكون مقتبس عن فيلم هندي ، فحين نود التكلم عن المواطنة والعقلية الحديثة التي يجب أن تسود المجتمع الفلسطيني وباقي المجتمعات العربية التي انساقت وراء الأهواء والأحضان الخارجية التي بددت اليقين بالشعور الفلسطيني ولو أن جامعة الدول العربية بحالة جيدة لكن وضعنا الداخلي والخارجي يسمح لنا بمزيد من الفرص والأموال الضائعة .
نحن كفلسطينيين ندور بأفكارنا السرمدية ببوتقة مكعبة الشكل خشنة الاطلاع تعطي لنفسها جانب الريادة والإبداع ولكن بحقيقة الأمر نحن نقلد وننفذ أجندة الآخرين مع عدم إتقان الأدوار ، فطريقة وأسلوب الاحتلال والأزمات المتلاحقة بقضيتنا تختلف عن أي قضية أخري يكمن التحدث عنها أو حتى الهمس بها .
فما معني كلمة مواطن فلسطيني جديد ؟، إن المعني الأدق لهذه الجملة يكمن في تقريب صورة الحداثة وعدم كبح الحريات واحترام حقوق الإنسان و البدء بتأهيل مقومات التحول نحو التعددية عن طريق التعليم أولاً وذلك بتهيئته لقبول الآخر المخالف من داخل الحظيرة الوطنية أولاً انطلاقاً من تأسيس حرية الضمير القائمة على حرية الاعتقاد، حيث لا يمكن مثلاً أن نرتجي تغييراً في النفوس يقضي على الأحادية وما تقود إليه من تطرف ونحن نحشو أذهان طلابنا بضلالية تلك الحركة أو زيغ ذلك التوجه وأن التوجه بعينه أو رؤية بعينها هما الصحيحان، أو أن فرقة بصفاتها وما تستنبطه من رؤى هي الأحق بالسلطة والتمكين وما سواها فالهلاك حالٌ بها لا محالة، وعند القضاء على مثل تلك المفردات الأحادية من مفرزات السرطان المتشعب بمجتمعنا أولاً يمكن أن نرتجي تغييراً حقيقياً فى طريق التحرر يهيئ لقيام مجتمع قائم على الاجتماع حول طاولة الحور في سبيل تحقيق الوحدة الوطنية و الخوف على الوطن ومقدساته وحمايته من كل مكروه وترك الاختيارات الشخصية لما دون ذلك وفقاً لما يقرره كل فرد أو جماعة أو حركة داخل المجتمع الفلسطيني المتعدد.
إن المرجو ليس فقط التغير وإنما الاستمرار بتصحيح جميع المسارات التي أنهكت المواطن الفلسطيني وخصوصا المواطن الغزي الذي يقبع بأجواء الحصار والحرمان والتشرد منذ أكثر من عامين ولازالت الأوضاع الداخلية تواجه صعوبات جمة في كيفية محاولة الاستقرار الواهمة، فمجرد المحاولة بفتح باب التصحيح والتغير الغير مخترق لخلق واقع جديد سنكون قد حققنا انجاز صعب و تمكنا من إعطاء شجاعة وفرصة غير مباشرة للأجيال القادمة التي أخاف أن تلهث من الجلوس على الرصيف ، فالبرتوكولات والأحزاب القديمة أصبحت بحاجة ماسة لضخ دماء جديدة بصفوفها وتغير بعض المفاهيم المستحيلة ،والإدراك بمدي التأثير الدولي وحقيقة الانفتاح العالمي على بعضه وإلا فعلينا الانتظار لمئات السنين لتحرير شبر من مخيم محتل على جدرانه عبارات لازال يكتبها التجار .

هناك 3 تعليقات:

  1. استمتعت بهذه المقالة جداً

    وكما المقولة " الجميع يفكر في تغيير العالم ولكن لا أحد يفكر في تغيير نفسه "

    دمت طيباً

    م

    ردحذف
  2. عشرة على عشرة يا عبود بتمنالك كل توفيق وإلى الأمام

    ردحذف
  3. السلام عليكم
    كم ظل القلم الفصيح سلاحا للفتك بمن تسبب في إيذاء العرب لا أنا وحدي
    بل سبيلا للترويح عن آلام مكنونها النفس البشرية التي لن نرجع عن قليل، وصدق شوقي قائلا:
    وللحرية الحمراء بابٌ بكل يدٍ مضرجةيُدقُّ

    ردحذف

اتمنى قد استمتعت بكلماتى ولو كان لك راى شارك فى سجل الزوار