الثلاثاء، مايو 27، 2008

غدر الزمان ما خلي حدا بمكان


فرغ محتواها الرشيق وتلاصقت بجدار العزيمة ، لعلها تجد كوب من قطرات النخوة على أسلاك وحواجز الصمت العربي ، حاولت تسلق الجدار ولم تستطع ، صرخت فلقد كسرت قدمها ولكنها لم تيأس ، حاولت مرة أخري وفى هذه اللحظة أطلق عليها الرصاص والقذائف والاستنكارات والتصريحات فسقطت مكسرة الجناح لا حول لها ولا قوة .
هي غزة تهتز كل دقيقة بشهدائها كشجرة البلوط الصامدة في وسط صحراء مقفرة ، لا تعرف الخنوع ولا الرحيل ، تشتاق للربيع من وقت لأخر ولكن تبقي أحلامها منزوعة الحقيقة ، إلي أن يأتي البرق والرعد والمطر ويخيم بوجه ارض فلسطين كلها .
كتبت عشرات المقالات ولم أجد شخصا عربيا واحدا ينتفض إلا القليل وبعض الأعداد الفردية التي لطالما اكتفت بالاستهجان والامتعاض من واقع الأمر، وطالبت بالصمود في وجه لعنة الانبطاح ، وقالت : لكم الله يا شعب الجبارين .
توالت الآهات والنداءات لكي تقفوا لنصرة غزة ولكن للأسف لا حياة لمن تنادي ، الى ان وصلنا لواقع فريد مجمله باختصار .. نحن من تبقي للدافع عن فلسطين ، فان سقطت غزة سقطت المقاومة الفلسطينية ، ولكن لا ولن ننسي كل من قاوم وسوف يقاوم بالعلم والفكر وبالحروف الأبجدية .
هنا حيث اقطن أنا وأبناء عمومتي .. نعاني الكثير الكثير من جراء الحصار ، لقد أصبح لرغيف الخبز طابور ،ولغاز الطهي طابور، وللكاز وللسولار طابور ، وللعلاج والدواء طابور ، والماء هبه الله طابور ، والكهرباء بالطابور فكل 24 ساعة تأتي 8 ساعات فقط ولها العناء الأكبر كون الغاز مقطوع، فيطر أهالي غزة الطهي وتأجيل أعمالهم وطعامهم لحين موعد الكهرباء ، هذا ولم اكتب بعد ان هناك عشرات المرضي بحاجة ماسة للعلاج وللسفر فى اقرب وقت ممكن و اى تأخير يشكل خطرا على حياتهم ، وهناك أيضا ألاف العمال المتوقفين عن العمل وتقدر نسبتهم 85 % من قطاع غزة ، غير الغلاء وفقدان السوق غالبية السلع الأساسية وان وجدت تباع بأسعار خيالية لا يستطيع المواطن شرائها .
جيراني القابعين في قلب الحصار ، قالوا لي : يا عبد صورنا بكلماتك وفرجي العالم شو بصير معنا، يمكن مش شايفين الصورة الحقيقية على التلفزيون .
قاطعهم جار أخر وقالهم : لا شايفين وعارفين شو اللي بصير معنا ، بس هدول تربوا على الجبن والتهليس .
وقلت : يا جماعة التلفزيون وحتي الكلام ما بوصل الواقع ولا حتي جزء منه ،لأنه اللي بصير اكبر ما انه يتخيله العقل او يحسه أي إنسان " واللي أيده بالثلج مش زى اللي أيده بالنار ".
الجيران : طيب شو الحل يا رجل .
قلت : الحل بقول الله تعالي "يأيها الذين امنوا اصبروا و صابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون " صدق الله العظيم " سورة أل عمران 200".
وقال ابو فادي : صدقت يا عبد ، أهل الشام عامة ، وفلسطين خاصة ، فى رباط إلي يوم القيامة ، فعن عبد الله بن حواله عن النبي " صلي الله عليه وسلم " انه قال " ستجندون أجنادا ، جندا في الشام ، وجندا بالعراق ، وجندا باليمن فقلت : خر لي يا رسول الله . قال: عليك بالشام ، فإنها خيرة الله من أرضه ، يجتبي إليها خيرته من عباده "
وأكمل انه سبب هذا الفضل ان المعارك الفاصلة في التاريخ الإسلامي كانت تدور علي أرضها ، فأهلها في صراع دائم مع أعدائهم ، وهم في رباط الي يوم القيامة ، والتاريخ يشهد لذلك ، فعركة اليرموك حسمت الصراع مع الروم ومعركة حطين حسمت الصراع مع الصليبيين ، ومعركة عين جالوت حمست الصراع مع المغول ، ولا شك أن صبرنا على هذه الأرض سيتوج بانتصار بإذن الله ، فلا تنسوا هذا الشعب المرابط الصامد الضاغط على كل الجراح ." أتمني أن يزمجر أحدا فيكم "

هناك تعليقان (2):

اتمنى قد استمتعت بكلماتى ولو كان لك راى شارك فى سجل الزوار